الجمعة، 29 مارس 2013

الجلوتين وتاثيره





الصداع , التعب والخمول الغير مفسر , مشاكل النوم , كثرة الغازات وانتفاخ البطن , الآم المعدة و الحرقان , الاسهال او الامساك , الآم المفاصل والعضلات , النحف الشديد او زيادة الوزن , الغثيان , جميعها أعراض شائعة ومنتشرة بكثرة لدرجة انها اصبحت مشاكل طبيعية لدى الناس يعالجونها بالمسكنات والادوية الاخرى المناسبة لها للتخلص منها.

 ولكن ما هو سببها الاساسي ؟ وكيف ظهرت هذه الاعراض وتطورت وأستمرت ! 


اذا كنت تعاني من اي من هذه الاعراض بشكل دائم او لفترة طويلة , فيجب ان تعلم انها اعراض غير طبيعية . فالجسم السليم لا يجب ان يعاني من اي اعراض غير مريحة.


وللأسف , أغلب الاطباء لا يركزون لعلاج جذور المشكلة الاساسية .



عندما يظهر عرض في الجسم , فهو لا يظهر بشكل مفاجئ , بل استمر فترة ليست قصيرة حتى تطورت المشكلة داخل الجسم وظهرت أعراضها.
 السرطان , مشاكل القلب , ارتفاع الضغط , هشاشة العظام , الفصام , الاكتئاب وغيرها من الامراض بدأت في الجسم بصمت بدون اي اعراض تذكر , ثم ظهرت الاعراض فجأة على السطح , وغالبا ما تظهر بعد تفاقم المرض.

أحد أهم واخطر الأسباب هو حساسية الجلوتين Gluten  فما هو الجلوتين ؟ وكيف يتعامل معه جسم الشخص المصاب بالحساسية ؟ كيف يتطور الى امراض خطيرة ؟ وماهو العلاج ؟ 





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجلوتين Gluten


 هو نوع من البروتينات الموجودة في الحبوب مثل القمح والشعير , وهو الذي يكسبها الكثافة و التماسك و القابيلة للتمدد. وبدون الجلوتين لا يمكن للخبز ومنتجات الدقيق التماسك. فهو يكسبها القوام والارتفاع الذي تتميز به.



ويستخدم الجلوتين ايضا في كثير من المنتجات لتحسين النكهة او كمكثف و كمصدر للبروتينات.



مشكلة الجلوتين هو ان بعض الاشخاص قد يتحسسون لهذه المادة , او بالاصح ترفض اجسامهم هضمها , وهذا يسبب كثير من المشاكل والامراض في مختلف أجهزة الجسم , وكل شخص قد يتأثر بطريقة مختلفة.


الحساسية من الجلوتين سببها جيني  , كما ان الجين قد يكون خامل بمعنى ان الشخص يحمل الجين ولكن بدون وجود اعراض . وقد تظهر الحساسية في اي وقت اذا تم تحفيزها,  وهذا يحدث لاسباب غير معروفة بدقة, منها اسباب بيئية او تعرض الشخص لفايروس معين اثار هذا الجين.



كيفية تعامل الجسم مع الجلوتين : 


لنعرف ذلك يجب ان نعرف اولا وظيفة الامعاء الدقيقة  لأنها المكان الأساسي الذي تبدأ منه هذه الأعراض.


ينتقل الطعام من الفم عبر المرئ الى المعدة حيث يتم خلطه وطحنه وتفكيكه الى مكوناته الاساسية ثم ينتقل الطعام الى الأمعاء الدقيقة التي تعمل كمصفاة , حيث تمتص الامعاء الغذاء والفيتامينات والمعادن عبر شعيرات منتشرة في جدارها تشبه الأصابع ( Villi ) شكل ١ ,تساعد الشعيرات على امتصاص الغذاء بسرعة وكفأة حيث ان شكلها يوفر مساحة كبيرة للأمتصاص بعكس الاسطح الملساء.


    صورة لجدار الأمعاء والشعيرات
شكل ١  


ويسمح جدار الأمعاء بدخول الغذاء الى الدم ( شكل ٢ ) كما يعمل كعازل للمواد السامة
 والجراثيم والبكتريا و يرسلها للأمعاء الغليظة ليتخلص منها الجسم. 

شكل ٢ . ينتقل الغذاء عبر الشعيرات الدموية لأجزاء الجسم



والذي يحدث مع الجلوتين هو ان الجهاز المناعي للجسم يعامل الجلوتين كمادة غريبة ( كما يعامل السموم والبكتريا) ولا تمتصها الأمعاء لداخل الجسم , حيث تعلق جزئيات الجلوتين في الشعيرات ويبدأ الجهاز المناعي بافراز مواد مضادة لمحاربة الجلوتين. ويسبب هذا الهجوم تلف في الشعيرات. شكل ٣


الفرق بين الشعيرات في أمعاء سليمة وأخرى تالفة
شكل٣

الآثار المترتبة على تلف الشعيرات : 


 تحدث مشاكل في امتصاص الغذاء , ويصبح وصول المواد الغذائية والفيتامينات والمعادن صعب وقليل , وهذا يؤدي الى نقص في الفيتامينات أهمها:    

  • فيتامين د : الذي يسبب ليونة العظام لدى الاطفال و هشاشة العظام لدى الكبار.   
  • فيتامين ب ١٢ : الذي يتم امتصاصه في اخر جزء من الامعاء , وهذا يحدث في الحالات المتقدمة . ويمكن ان يسبب نقصه فقر الدم , اضطرابات في التوازن , مشاكل في الاعصاب , والخرف.
  •  الحديد : يسبب الانميا
  • حمض الفوليك: يسبب نقصه زيادة التهيج والنسيان، ويلعب دورا في الامراض العصبية، وفقر الدم، واضطرابات الدم، واضطرابات الجهاز الهضمي و الاكتئاب.
  • الكالسيوم : يعتبر نقص الكالسيوم شائع لدى مرضى السلياك, ويسبب نقصه مشاكل كبيرة , حيث ان الجسم يستخدم مخزون الكالسيوم ويمتصه من العظام ليعوض النقص وهذا يؤدي الى جفاف العظام والاصابة بالهشاشة. 

قد يؤدي التلف ايضا في الأمعاء الدقيقة الى ثقوب في جدار الأمعاء مسببا ما يعرف بمتلازمة الأمعاء المتسربة
  Leaky gut syndrome  وهذا يعني ان جدار الأمعاء لم يعد يعمل كحاجز ضد المواد السامة والفضلات مما يؤدي الى تسربها للدورة الدموية مسببة جميع الأمراض التي سنتكلم عنها في مقال آخر.